صورة لمجموعةة نساء كرديات |
الخامس والعشرين من أيلول/سبتمبر، هو موعد الاستفتاء الذي سيجري في إقليم كردستان العراقي من أجل استقلاله عن الجمهورية العراقية.
*فماذا يعني هذا الاستفتاء تاريخياً؟*
هذا الاستفتاء هو بداية لتحقيق الحلم الذي راود الأكراد عبر التاريخ. وهو إقامة دولتهم وتوحيدهم فيها.
الأكراد الذين يعيشون موزعين جغرافياً بين إيران والعراق وتركيا وسوريا، هذا إضافة الى غيرهم من اللاجئين في مناطق عربية أخرى مثل لبنان، تاريخهم يعود لقرون ماضية وحلمهم بإقامة دولتهم لم يبدأ مع معاهدة سيفر التي وضعت بعد هزيمة الإمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى. لكن رفض “الرجل المريض” لهذه المعاهدة وتوقيعه على اتفاقية لوزان لم يمنعا الاكراد بالمطالبة بدولتهم.
اليوم، وبعد مضي عقود، أصبح للأكراد القاطنين في العراق، إقليم خاص بهم يتمتعون فيه بحكم ذاتي وذلك بموجب الدستور العراقي الذي حوّل العراق الى جمهورية فيدرالية وذلك عام 2005. لكن هذا الحكم الذاتي لهم بدأ قبل عقد تقريباً مع هزيمة الرئيس العراقي السابق صدام حسين في حرب الخليج.
*أين سيجري الاستفتاء ومن يحق له المشاركة فيه؟*
هذا الاستفتاء لن يطال فقط سكان الإقليم الذي يتمتع بحكم ذاتي، وانما ايضاً مناطق متنازع عليها مع الحكومة المركزية في بغداد. ومن بين هذه المناطق سهل الموصل وكركوك. اذ تقول حكومة أربيل إن حمايتها لهذه المناطق من تنظيم ما يسمى “الدولة الإسلامية” يعطيها الحق في السيطرة عليها وضمها. هذا ووافق مجلس محافظة كركوك على المشاركة بهذا الاستفتاء. هذه الموافقة دفعت بالبرلمان المركزي لإقالة رئيس المجلس نجم الدين كريم. هذا ونقلت وسائل اعلام كردية ان عشائر عربية في محافظة نينوى تؤيد اجراء الاستفتاء لتحديد مصير مناطقها.
*المواقف المحلية والدولية من هذا الاستفتاء؟*
إسرائيل داعمة للاستفتاء
قبل البدء بالاستفتاء وصدور نتائجه، لاقى هذا القرار الكردي معارضة محلية ودولية. ولم تبد سوى إسرائيل دعمها له.
فإسرائيل لديها علاقات تاريخية مع الاكراد، وقد أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ان “إقامة دولة كردية مستقلة، وفق موقعها، ستشكل صداعاً ليس فقط لإيران وانما ايضاً للخصوم الآخرين مثل العراق وتركيا وسوريا”.
العراق
بعد تصويت البرلمان العراقي الفيدرالي ضد هذا الاستفتاء، أعلنت الحكومة المركزية في بغداد ضرورة احترام الدستور وحماية وحدة البلاد. وحذر رئيس الوزراء حيدر العبادي من ان هذا الاستفتاء هو خطير وسيخلق مشاكل جديدة في البلاد.
تركيا
تركيا، جارة إقليم كردستان، وصفت الاستفتاء بالخطأ الفادح، وبأنه “قضية أمن قومي“، وتهدد بفرض عقوبات عليه. فمشروع هذه الدولة الجديدة قد يزيد من اشعال التوتر داخل الأراضي التركية مع تزايد شعبية حزب العمال الكردستاني بين الشباب.
إيران
قد يكون هذا الاستفتاء شكل تحالفاً غير متوقع بين طهران وانقرة. ففي شهر آب/أغسطس زار رئيس اركان الجيش الإيراني انقرة وهي الزيارة الأولى من نوعها منذ إقامة الجمهورية الإسلامية الإيرانية عام 1979. فطهران التي رفضت رفضاً قاطعاً هذا الاستفتاء، عليها ان تواجه المتمردين الاكراد على أراضيها. هذا ويسيطر أكراد العراق على المناطق الحدودية الرئيسية بين إيران وسوريا وهي المناطق التي تخطط إيران السيطرة عليها لإنشاء ممر بري لها حتى البحر الأبيض المتوسط عبر العراق وسوريا فلبنان.
الولايات المتحدة
هذا ودعت واشنطن الإقليم الغاء الاستفتاء وبدء حوار جدي ومتواصل مع بغداد، وقالت في بيان صادر عن البيت الأبيض، إنه سيشكل خطوة “استفزازية” وستزعزع استقرار المنطقة.
الأمم المتحدة
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريتش أكد ان هذا الاستفتاء سيصرف الانتباه عن الحاجة لهزيمة تنظيم ما يسمى “الدولة الإسلامية“، وقال إن حل القضايا العالقة بين الحكومة المركزية وحكومة إقليم كردستان تحل عبر حوار منظم وتسوية بناءة.
*انقسامات داخلية*
الأطراف الكردية غير متفقة جميعها على هذا الاستفتاء. الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود برزاني من اهم الداعمين والداعين له، اما حركة التغيير بقيادة نشروان مصطفى وغيرها من الأحزاب المعارضة التي ترى ضرورة اجراء انتخابات برلمانية ورئاسية قبل اجراء هذا الاستفتاء.
*ماذا بعد الاستفتاء*
إقليم كردستان الذي يسكنه 5.2 مليون نسمة، من المتوقع ان يصوت غالبية المقترعين بـ“نعم”. فهذه النتيجة ستكون مؤاتية لرئيس الإقليم مسعود برزاني الذي سيجد نفسه اقوى من أي وقت مضى. داخلياً سيكتسب شعبية إضافية ستعطيه شرعية دولية وإقليمية هذا إضافة لدوره في مواجهة ومحاربة مقاتلي تنظيم ما يسمى بـ“الدولة الإسلامية”. فكما اثبت في السنوات القليلة السابقة قدراته العسكرية الميدانية، سيثبت نفسه هذه المرة بمحرر هذه المناطق وسيحظى على الأقل بدعم إسرائيل في هذه العمليات العسكرية.
لكن هذا ستقبل إيران او تركيا بهذه القوة الناشئة اقليمياً؟