أمهل رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي يوم الأربعاء حكومة کتالونیا ثمانية أيام للتخلي عن محاولة الاستقلال موضحا أنه إذا تقاعست عن فعل ذلك فسيعلق الحكم الذاتي الذي يحظى به الإقليم وسيحكمه حكما مباشرا.
وقد تزيد هذه الخطوة من حدة المواجهة بين مدريد والإقليم الواقع في شمال شرق البلاد لكنها تشير كذلك إلى مخرج من أكبر أزمة سياسية تشهدها إسبانيا منذ انقلاب عسكري فاشل في 1981.
وسيدعو راخوي على الأرجح إلى انتخابات إقليمية مبكرة بعد تفعيل المادة 155 من الدستور التي ستمكنه من عزل حكومة کتالونیا .
وكان زعيم إقليم کتالونیا كارلس بودغمون أصدر ليل الثلاثاء إعلانا رمزيا للاستقلال عن إسبانيا لكنه علقه على الفور داعيا إلى مفاوضات مع حكومة مدريد.
وقال راخوي في خطاب تلفزيوني بعد اجتماع للحكومة لدراسة ردها على الخطوة التي أقدم عليها الإقليم “الحكومة وافقت هذا الصباح على أن تطلب رسميا من الحكومة القطالونية تأكيد ما إذا كانت أعلنت استقلال قطالونيا بغض النظر عن الارتباك الذي نشأ بشأن تنفيذه”.
Es muy importante que el Sr. Puigdemont acierte en la respuesta al requerimiento #11Oct. Los detalles del mismo👇pic.twitter.com/WpGtSoE3Cj— Mariano Rajoy Brey (@marianorajoy) 11 octobre 2017
وأبلغ لاحقا البرلمان الإسباني أن الحكومة الكتالونية أمامها حتى الاثنين 16 أكتوبر تشرين الأول للرد. وإذا أكد بودغمون أنه أعلن الاستقلال فسيتم إمهاله ثلاثة أيام إضافية تنتهي في الثامنة مساء 19 أكتوبر تشرين الأول بتوقيت جرينتش للعدول عن ذلك. وإذا لم يفعل فستفعل المادة 155.
ويقول محللون إنه لم يتضح بعد ما إذا كانت الحكومة الكتالونية ستلبي ذلك الطلب لكنها تواجه الآن مأزقا.
دعوة لمحادثات
فإذا قال بودغمون إنه أعلن الاستقلال بالفعل فستتدخل الحكومة المركزية. وإذا قال إنه لم يعلن فربما يسحب حزب ترشيح الوحدة الشعبية اليساري المتطرف دعمه لحكومة الأقلية التي يرأسها بودغمون.
والمخاطر عالية. ففقد کتالونیا، التي لها لغتها وثقافتها، سيحرم إسبانيا من خمس ناتجها الاقتصادي وأكثر من ربع صادراتها.
وفي خطابه المنتظر أمام برلمان کتالونیا الذي أحاط به آلاف المحتجين ومئات من رجال الشرطة المسلحين أصدر بودغمون إعلانا رمزيا يؤكد تفويضا ببدء عملية الانفصال لكنه يعلق أي إجراءات رسمية لتحقيقه.
وأحبطت تصريحات بودغمون العديد من أنصاره المحتشدين خارج البرلمان ملوحين بعلم کتالونیا ومتوقعين أن يحيل مذكرة بالاستقلال الرسمي للبرلمان.
لكن الخطاب أثار ابتهاج أسواق المال، وارتفع اليورو وسط آمال بأن تحول بادرة بودغمون دون تصعيد الأزمة.
ويتزايد التوتر في کتالونیا منذ الاستفتاء على الاستقلال الذي أجراه الإقليم في الأول من أكتوبر تشرين الأول الذي اعتبرته إسبانيا غير دستوري. ورغم حملة أمنية عنيفة للشرطة أعلن المسؤولون في کتالونیا أن نتيجة الاستفتاء كانت لصالح الاستقلال بأغلبية ساحقة.
لكن بدلا من إحالة الأمر إلى البرلمان يوم الثلاثاء وقّع بودغمون وساسة آخرون بالإقليم إعلان “السيادة الكاملة” لكتالونيا. ولم تتضح القيمة القانونية لهذا الإعلان.
وفي بروكسل ساد شعور بالارتياح أن أصبح لدى رابع أكبر اقتصاد بمنطقة اليورو بعض الوقت على الأقل للتعامل مع أزمة لا تزال بعيدة عن الانفراج.
وقال مسؤول بالاتحاد الأوروبي إن بودغمون “يبدو وكأنه استمع لنصيحة بألا يفعل شيئا لا يمكن التراجع عنه”.
رفض مدريد
ورغم بادرة زعيم کتالونیا تظل احتمالات إجراء حوار سياسي بعيدة حيث تصر إسبانيا على أن يتم الحوار “في إطار القانون” وهو ما يفهم منه على نطاق واسع أن خيار الاستقلال مستبعد.
ورفضت سورايا ساينث دي سانتاماريا نائبة رئيس وزراء إسبانيا اقتراح بودغمون إجراء حوار من خلال وسيط دولي.
وقال بودغمون مخاطبا البرلمان الإقليمي لبرشلونة إن نتيجة الاستفتاء قدمت تفويضا شعبيا للاستقلال ودعا للحوار والحد من التوترات.
وأضاف “لسنا مجرمين ولا مجانين ولا مدبري انقلاب ولا مجبرين… نحن أناس عاديون يطلبون أن يُسمح لهم بالتصويت ومستعدون لكل تفاوض ضروري للوصول لمسار مقبول.
“…إنه تفويض لأن تصبح کتالونیا دولة مستقلة في شكل جمهورية.
“اقترح تعليق آثار إعلان الاستقلال لإجراء محادثات في الأسابيع المقبلة لا يمكن بدونها التوصل لحل مقبول”.
اعلان غير حقيقي
وشاهد أنصار الاستقلال خطاب بودغمون على شاشات كبيرة خارج البرلمان. وصاح الناس مبتهجين في البداية “استقلال” وأطلقوا الهتافات الفرحة وتبادلوا القبلات حتى تبين انه ليس إعلانا لاستقلال رسمي فأطلق بعضهم أصوات صفير وهزوا رؤوسهم.
وقال وزير الخارجية الإسباني ألفونسو داستيس يوم الأربعاء إن خطاب الاستقلال الذي أدلى به زعيم کتالونیا كان “خدعة” مشيرا في نفس الوقت إلى وجود فرصة للتفاوض داخل إطار الدستور الإسباني.
وقال داستيس لمحطة أوروبا 1 الإذاعية الفرنسية إن خطاب بودغمون للبرلمان الكتالوني يوم الثلاثاء كان “خدعة ليقول شيئا ويفعل نقيضه”.
وعند سؤاله عن إمكانية إجراء استفتاء آخر في کتالونیا قال داستيس إن الدستور الإسباني لا يسمح بذلك.
وأضاف “لا يمكن أن نقبل أن يتخذ جزء من الشعب الكتالوني قرارا بالنيابة عن إسبانيا ككل”.
موقف المانيا
وفي برلين قال وزير الخارجية الألماني زيجمار غابرييل يوم الأربعاء إن حل النزاع بين الحكومة الإسبانية والقادة في کتالونیا بشأن مساعي الإقليم للانفصال يمكن أن يتحقق فقط بالحوار بناء على دستور إسبانيا.
وأضاف غابرييل في بيان “إعلان استقلال قطالونيا من جانب واحد سيكون تحركا غير مسؤول.
“لا يمكن التوصل إلى حل سوى من خلال الحوار على أساس حكم القانون وداخل إطار الدستور الإسباني”.